من مواجهة الأهلي والزمالك على ملعب القاهرة الدولي، 15 أكتوبر 2024 (Getty)

انتهت فترة الانتقالات الشتوية في الدوري المصري بعد تدعيمات قامت بها الأندية، على رأسها الأهلي والزمالك، تحضيراً لتقديم مستوى جيد في المباريات على الصعيدين المحلي والقارّي، وأيضاً العالمي في منافسات بطولة مونديال الأندية الصيف المقبل.

وانتهج قطبا كرة القدم المصرية، الأهلي زعيم الأندية المصرية وغريمه ومنافسه الأبدي الزمالك، أسلوبَين مختلفَين في الصفقات والتدعيمات اللازمة وفقاً للمنافسات القادمة، فنادي الأهلي المستقر والمنظم وصاحب المبادرة والإمكانات المتوفرة، يدافع عن لقبيه المحلي والأفريقي، ويسعى لتشريف مشاركته في كأس العالم للأندية بأميركا، إذ سيلعب مباراته الافتتاحية أمام إنتر ميامي الأميركي، فريق الأسطورة الأرجنتيني ليونيل ميسي، والأوروغواياني الهداف لويس سواريز، أما اللقاء الثاني فيواجه فيه نادي بالميراس البرازيلي، ثم يلعب اللقاء الثالث أمام بورتو البرتغالي.

وأجرى المارد الأحمر صفقات قوية في الميركاتو الشتوي، تتناسب مع الحدث العالمي المنتظر، بعد رحيل كل من الجنوب أفريقي بيرسي تاو، إلى نادي قطر القطري، ومحمود كهربا بعقد إعارة إلى الاتحاد الليبي. وأول تلك الصفقات، التعاقد مع الهداف السلوفيني نيس جراد يشار، من فيهير فار المجري مقابل 800 ألف يورو، والمدافع مصطفي العش، من فريق زد مقابل 600 ألف يورو بنظام الإعارة ستة أشهر مع إمكانية الشراء، ولاعب الوسط أحمد رضا من بتروجيت مقابل 470 ألف يورو، والصفقة الأهم تمثلت في انضمام  المغربي أشرف بن شرقي، من الريان القطري بعد تجربة مميزة مع الغريم الزمالك والجزيرة الإماراتي مقابل 3.5 ملايين يورو (1.7 مليون للريان وتنازل بن شرقي عن التسعمئة ألف يورو المتبقية من عقده حتى نهاية الموسم).

ومن أبرز الصفقات في الميركاتو الشتوي المصري أيضاً، انتقال الدولي المصري محمود حسن تريزيغيه، المعار للريان القطري من طرابزون التركي مقابل 1.7 مليون يورو للنادي التركي بخلاف ما سيحصل عليه اللاعب، وتعد تلك هي الصفقة الأهم للقلعة الحمراء، مع البدء في التجديد للنجوم، يتقدمهم الحارس الدولي محمد الشناوي، والمدافعان رامي ربيعة وياسر إبراهيم، وكذلك أكرم توفيق بعد تجمد المفاوضات مع الشمال القطري، والحارس البديل حمزة علاء.

وسبق صفقات النادي الأهلي الأخيرة، ضمُّ عناصر مميزة في الصيف الماضي كالمدافع المغربي يحيى عطية الله، بعقد إعارة لموسم واحد من سوتشي الروسي، والمغربي أشرف داري، من نادي برست الفرنسي مقابل 600 ألف يورو، والمدافع القطري يوسف أيمن، من الدحيل القطري الذي رحل في نهاية شهر يناير/ كانون الثاني الماضي.

في المقابل، خاض الزمالك فترة انتقالات صعبة في ظل الأزمة المالية، والعقوبات والغرامات وتأخر مستحقات لاعبي الفريق، وانتظار مفاوضات تجديد زيزو الماراثونية، وفي ظل ذلك، عقد النادي الأبيض صفقات وفقاً للأولويات والإمكانات المادية المتاحة، بعد منح صلاحيات في الأيام الأخيرة قبل الإغلاق للجنة الكرة مع تكليف اللاعب العالمي السابق أحمد حسام ميدو، عضو اللجنة،  بأن يكون صاحب القرار الأول والأخير بالتفاوض مع اللاعبين، خاصة مع رحيل المعار زياد كمال من إنبي، والفلسطيني عمر فرج لدييجو فورس السويدي، والبولندي كونراد ميشالاك لاعب أحد السعودي، الذي تقدم بشكوى للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، بعد إغلاق الميركاتو مباشرة، ما أفسد ضم لاعب مكانه.

أخبار ذات صلة

وأعلن ميدو، عضو لجنة الكرة في نادي الزمالك، ضم المدافع أحمد حسام من نادي الجونة مقابل حوالى 250 ألف يورو، ولاعب الوسط محمود جهاد من فاركو بقيمة 150 ألف يورو، والجناح التونسي أحمد الجفالي من اتحاد المنستير التونسي مقابل 450 ألف يورو، وأخيراً المدافع المغربي صلاح الدين مصدق من نهضة الزمامرة المغربي مقابل 450 ألف يورو.

بالإضافة لذلك، دعّم الزمالك صفوفه بصفقات خلال الصيف الماضي، أهمها المغربي محمود بنتايج من نادي سانت إتيان الفرنسي بعقد إعارة لموسم واحد، وعودة المعار حسام أشرف من بلدية المحلة، ومحمد حمدي بنظام الإعارة من إنبي، والسنغالي سيدي ندياي، وجيفرسون دي كوستا من غينيا بيساو، والفلسطيني عمر فرج من آيك سولنا السويدي، والبولندي كونراد ميشالاك من أحد السعودي على سبيل الإعارة.

ومُوِّلت صفقات قطبي الكرة المصرية من حقوق الرعاية والبث، والإعلانات، وإيرادات المباريات، والأهم هو فتح الباب لمحبي الفريقين من رجال الأعمال لدعم وتمويل الصفقات بالجهود الذاتية. وهي قضية مهمة لا بدّ أن تطرح وتناقش بخصوص قواعد اللعب المالي النظيف، والشفافية في عقد صفقات بالعملة الصعبة غير المتوفرة للأندية والدولة، بأرقام ومبالغ باهظة، واستغلال ضعف الناتج والحصيلة من قطاعات البراعم والناشئين من المواهب، خصوصاً في الأندية الكبيرة مثل الأهلي والزمالك.

وتعمد مثل هذه الأندية لشراء لاعبين جاهزين يُكلفون مبالغ كبيرة، بدلاً من وضع خطة للاستثمار في الناشئين، والتنظيم والحصول على التمويل اللازم من أجل تطوير المواهب التي ستتاح لها فرصة المشاركة مع الفريق الأول في المستقبل، وتجنب شراء اللاعبين من الداخل أو الخارج.

كما يتسبب انتشار الأكاديميات الخاصة في مصاريف وأعباء مرتفعة على أولياء الأمور، وهو جزء من أسباب عدم القدرة على تطوير المواهب بالشكل المطلوب، الأمر الذي يتحمل مسؤوليته اتحاد كرة القدم أيضاً، خصوصاً من جهة اللوائح الخاصة بعدد اللاعبين الأجانب في الدوري، وتقليل العدد المسموح به حالياً، بالإضافة لتقوية المسابقات السّنية للبراعم والناشئين والشباب، والذي من شأنه أن يُؤثر على منتخبات الشباب بشكل عام والمنتخب الأول بشكل خاص.

وبدأت الدولة ممثلة بوزارة الشباب والرياضة في التحرك على هذا الصعيد، إذ وسّعت قاعدة البحث عن المواهب في الأقاليم والقرى المليئة بالمواهب، والتي لا تملك الإمكانات للوصول إلى النجومية بسرعة، وتنتظر الفرصة لاكتشافها، وهي ثروة وطنية مهدرة، مع الأخذ بعين الاعتبار نجاح تجارب نجوم مثل محمد صلاح، نجم ليفربول من قرية نجريج وابن نادي المقاولون العرب، وعمر مرموش نجم مانشستر سيتي حالياً الذي سافر إلى أوروبا من نادي وادي دجلة. في وقت تُعد أموال الصفقات الباهظة التي تصرف في سوق الانتقالات إهداراً للمال العام، يُمكن استثمارها في قطاع الناشئين والصغار، وتوسيع قاعدة البحث واكتشاف المواهب من أجل مستقبل كرة القدم المصرية.