دوري أبطال أوروبا والنظام السويسري

شهد دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، أمجد البطولات القارية، تغييراً جذرياً في نسخته الجديدة، مع اعتماد “يويفا” نظام “الدوري السويسري للشطرنج”، إذ يخوض كلّ فريق ثماني مباريات ضد ثمانية فرق مختلفة، أربع منها على أرضه وأربع خارجها. ورغم طرح الفكرة لأول مرة عام 2021، فإن تنفيذها في 2024 أثار الكثير من الجدل بين مؤيد ومعارض. لكن النظام الجديد، الذي شهد مشاركة 36 فريقاً، فتح الباب أمام الصغار للحضور ومنافسة الكبار، بعد وجود خمسة أندية لأول مرة في تاريخ البطولة، وهي: بولونيا الإيطالي، جيرونا الإسباني، بريست الفرنسي، سلوفان براتيسلافا السلوفاكي، وأستون فيلا الإنكليزي.

ويقضي نظام البطولة، في حلّتها الجديدة، بترشح أصحاب المراكز الثمانية الأولى إلى الدور ثمن نهائي مباشرة، بعدما تأهل ليفربول الإنكليزي مبكراً برصيد 21 نقطة، وضمن الترشح منذ الجولة الخامسة، واندلع صراع بين 13 نادياً علي باقي المراكز (من الثاني  إلى الثامن)، انتهى بإثارة بالغة ومفاجآت، بعدما حسم برشلونة الإسباني المركز الثاني، مع اعتبار أن صاحبي الصدارة والوصافة لن يلتقيا إلا في النهائي بعد وضعهما بطريقين مختلفين، كما تأهل مباشرة أيضاً أرسنال الإنكليزي وإنتر الإيطالي وباير ليفركوزن الألماني وليل الفرنسي وأستون فيلا الإنكليزي، كما بلغت الإثارة ذروتها بعد إضافة “ملحق” للأدوار الإقصائية بين الفرق صاحبة المراكز من التاسع إلى السادس عشر، والمراكز 17-24، مع خروج أصحاب الترتيب من 25 إلى 36 بشكل مبكر.

وكانت المفاجآت في دوري أبطال أوروبا لكرة القدم بانتظار فرق ذات تاريخ وإنجازات، ظلت مهددة بالخروج أو حتى عدم التأهل للملحق، وهي: بايرن ميونخ وبوروسيا دورتموند الألمانيان، ومانشستر سيتي الإنكليزي، ويوفنتوس الإيطالي، وبنفيكا البرتغالي وآيندهوفن الهولندي، بالإضافة إلى حامل اللقب ريال مدريد، صاحب الرقم القياسي بـ15 لقباً، الذي احتلّ المركز الـ11 بـ15 نقطة، بعد تعرضه لثلاث هزائم أمام ليل الفرنسي 0-1، وميلان الإيطالي 1-3، وليفربول الإنكليزي 0-2، قبل أن يحقق ثلاثة انتصارات متتالية في آخر الجولات أمام أتلانتا الإيطالي 3-2، وسالزبورغ النمساوي 5-1، وبريست الفرنسي 3-0، كما صعد بطل نسخة 2023 مانشستر سيتي بصعوبة، بعد احتلاله المركز 22 رغم خسارته في الجولة قبل الأخيرة أمام باريس سان جيرمان الفرنسي 2-4، رغم تقدمه بهدفين نظيفين، إلا أنه وجد طوق النجاة بفوز أمام كلوب بروج البلجيكي 3-0 في آخر الجولات.

وشهدت البطولة العديد من النتائج الكبيرة، مثل فوز بايرن ميونيخ 9-2 على دينامو زغرب الكرواتي، و”ريمونتادا” برشلونة المذهلة أمام بنفيكا البرتغالي 5-4، وأعاد ريال مدريد فوزه 5-2 على بوروسيا دورتموند، في تكرار لنتيجة نهائي النسخة الأخيرة. كما شهدنا عودة دراماتيكية لباريس سان جيرمان أمام مانشستر سيتي من التأخر بهدفين نظيفين إلى فوز (4-2)، وخسارة مفاجئة لمانشستر سيتي الإنكليزي أمام سبورتينغ لشبونة البرتغالي 1-4.

وخرج من المنافسة مبكراً يانغ بويز السويسري وسلوفان براتيسلافا التشيكي، دون نقاط، بالإضافة لكل من ريد بول سالزبورغ النمساوي، وجيرونا الإسباني، ولايبزيغ الألماني، وسبارتا براغ التشيكي، وستورم غراتس النمساوي، والنجم الأحمر الصربي، وبولونيا الإيطالي، ونافس كل من دينامو زغرب الكرواتي، وشتوتغارت الألماني وشاختار دونيتسك الأوكراني حتى الرمق الأخير. 

وأسفرت قرعة الدور الإضافي في 31 يناير/كانون الثاني الماضي، عن لقاءات من العيار الثقيل، بعدما أوقعت مانشستر سيتي في صدام مع ريال مدريد، وبريست الفرنسي يلتقي مواطنه باريس سان جيرمان، ويوفنتوس الإيطالي أمام آيندهوفن الهولندي، وسيواجه سبورتينغ لشبونة البرتغالي بوروسيا دورتموند الألماني.

كما أن هناك صراعاً من نوع آخر على المستوى التهديفي، ومحاولة الاقتراب من الهداف التاريخي لمسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، الدون البرتغالي كريستيانو رونالدو، بـ141 هدفاً، وأسطورة الأرجنتين ليونيل ميسي (129 هدفاً)، بعدما رفع نجم برشلونة البولندي روبرت ليفاندوفسكي رصيده إلى 103 أهداف، بعدما سجل تسعة أهداف في هذه النسخة، ويحل نجم ريال مدريد، الفرنسي كيليان مبابي، ثامناً في الترتيب بـ51 هدفاً.

ورغم الإشادة بالنظام الجديد لمسابقة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، من حيث الإثارة والتوسع في دائرة المنافسة، فإنه تعرض لانتقادات بشأن تأثيره على قوة المباريات وجودتها، بسبب عددها المتزايد، لكنه فاق التوقعات في الحماسة والمتابعة الجماهيرية، خاصة خلال الجولة الثامنة الحاسمة في “ليلة الأبطال”. أما عن القرعة المقبلة، التي ستُقام في 21 فبراير/شباط الجاري، فمن المتوقع أن تحمل المزيد من التشويق، وصولًا إلى النهائي المنتظر في 31 مايو/أيار المقبل على ملعب أليانز أرينا في ميونخ، الذي سيشهد تتويج بطل “أمجد البطولات” في أقوى مسابقة كروية على وجه الأرض.