دي ماريا محتفلاً بتتويج الأرجنتين، 15 يوليو 2024 في ميامي (ميغيل رودريغيز/ الأناضول)
كتب النجم الأرجنتيني آنخل دي ماريا (36 عاماً)، آخر صفحة من كتاب تاريخه الدولي، بعد سنوات حمل فيها منتخب الأرجنتين على عاتقه إلى جانب ليونيل ميسي، وهي مسؤولية لم تُخف النجم الحالي لنادي بنفيكا، رغم بعض العوائق والصعوبات والفشل الذي واجهه بخسارة نهائي مونديال 2014 واللقاء الختامي لكوبا أميركا أيضاً في 2015 و2016، لكنه لم يستسلم، لأنّه كان يثق في قدراته رغم تقدّمه في السن، وحقق أخيراً كلّ ما يحلم به أي لاعب على المستوى العالمي، وذرف الدموع مع الاعتزال الدولي.
وانتظر آنخل دي ماريا طويلاً، قبل أن يحظى بأول استدعاء دولي، عام 2007، حيث حقق حلم الدفاع عن ألوان “الألبي سيليستي”، وتشريف الأرجنتين عبر التتويج بالألقاب منذ صغره، خلال المحافل الدولية، حينها، لم يتجاوز سنه 19 عاماً، لكن طموحه كان كبيراً، إذ قاد بلاده إلى تحقيق الألقاب، طيلة مسيرته الدولية التي امتدت 17 عاماً.
دي ماريا بداية عنوانها الذهب
وبزغ نجم دي ماريا مبكراً على الصعيد الدولي، حيث استغل استدعاءه لخوض بطولة كونميبول، وبعدها كأس العالم لأقل من 20 عاماً، بأفضل طريقة ممكنة، فسجل ثلاثة أهداف خلال المسابقة، قاد بفضلها زملاءه لتحقيق لقب الدورة التي استضافتها كندا، وتواصل ظهوره المميز في محطة دولية ثانية، إذ حقق الميدالية الذهبية خلال الألعاب الأولمبية الصيفية 2008، بالعاصمة الصينية، بكين، وساهم رفقة ليونيل ميسي، في بلوغ الأرجنتين المباراة النهائية، بتسجيله هدفاً في الدور ربع النهائي ضد هولندا، وآخر في النهائي ضد منتخب نيجيريا، ما فتح أمامه أبواب الاحتراف في أوروبا، عبر بوابة نادي بنفيكا البرتغالي.
سرعة بلوغ المنتخب الأول
وسرعان ما تلقى دي ماريا استدعاءً لتمثيل المنتخب الأول، وكان ذلك عام 2008، وفقاً لما نشره موقع “تي واي سي سبورت” الأرجنتيني، الأحد، خلال تناوله أهم محطات مشوار دي ماريا، وجاءت الدعوة في ضوء تألقه مع منتخب أقل من 20 عاماً، حينها لم يكن بحاجة للمرور على الفئات السنية الأخرى، بما أن مستواه سمح له باللعب في المستوى العالي، لا سيما أن المنتخب الأول كان بحاجة إليه في وقت مهم.
مارادونا للاستمرارية
وتلقى آنخل دي ماريا أول دعوة للمنتخب الأول في 2008، للمشاركة في تصفيات كأس العالم 2010، ثم اختاره المدير الفني وأسطورة كرة القدم الأرجنتينية، الراحل دييغو أرماندو مارادونا، ليشارك في مونديال جنوب أفريقيا، حيث خاض أربع مباريات مع التشكيلة الأساسية، وواحدة بديلاً، وساهم في بلوغ فريقه الدور ربع النهائي.
المرحلة الأصعب
ومرّ آنخل بمرحلة صعبة مع المنتخب الأرجنتيني، حيث فشل مع زملائه خلال بطولة كوبا أميركا 2011، وتجرع مرارة الإقصاء في الدور ربع النهائي بركلات الترجيح، أخفق فيها زميله كارلوس تيفيز، ولم تكن تلك هي الصدمة الوحيدة التي يتلقاها اليساري المتميز، بل تواصلت الأزمات بإصابته في كأس العالم 2014، خلال مواجهة ربع النهائي، ضد منتخب بلجيكا، إذ تعرض لقطع في عضلة الفخذ، ألزمته ترك الميدان، ونهاية المنافسة بالنسبة إليه (الأرجنتين بلغت النهائي وانهزمت ضد ألمانيا).
وعاش دي ماريا ظروفاً صعبة مع منتخب بلاده في بطولتين متتاليتين لكوبا أميركا، حيث خسر الأولى، عام 2015، ضد منتخب تشيلي بركلات الترجيح، وأخفق مرة أخرى في 2016، وهذه النسخة حملت ذكريات صعبة له، حيث توفيت جدته (علاقته مميزة معها وأهدى لها هدفاً ضد تشيلي)، قبل أن يصاب في ثاني مباريات “الألبي سليستي” في الدورة، وخسرت الأرجنتين نهائياً آخر بركلات الترجيح، ضد المنافس نفسه.
ولم يترك كابوس الإخفاق دي ماريا وشأنه، حيث أُقصي نجم ريال مدريد السابق رفقة الأرجنتين من الدور ثمن النهائي، خلال مشاركته في كأس العالم، روسيا 2018، وهو الإخفاق الأخير، قبل العودة بقوة للساحة الدولية، وتحقيقه ألقاباً تاريخية أسعدت الجماهير.
دي ماريا والأرجنتين.. الأفضل في العالم
واستدرك دي ماريا الموقف رفقة زملائه، خلال مشاركتهم في كوبا أميركا 2021، وشارك بشكل مباشر في التتويج باللقب، عبر هدف تاريخي (رفع الكرة فوق رأس الحارس)، حين واجه البلد المستضيف، البرازيل، في مباراة شهدت تتويج الأرجنتين بأول لقب لها منذ عام 1993.
ثم عاد “الفيديو”، مثلما يحلو لمحبيه مناداته، في كأس العالم 2022، بتألق غير مسبوق، وتحت قيادة المدير الفني، ليونيل سكالوني، حيث شهدت دولة قطر تحقيق المنتخب الأرجنتيني لقب كأس العالم، بعد غياب طويل جداً، وفي ظروف مثالية حرص المنظمون على توفيرها لضمان راحة الوفود والمشجعين.
لقاء التتويج ووداع بالدموع
وعاش المهاجم آنخل دي ماريا فترات مؤثرة، عندما غادر أرضية الميدان عند الدقيقة 116، ومنتخب بلاده متقدم في النتيجة (1-0 وهي النتيجة النهائية)، حيث ذرف الدموع لحظة توديعه المشجعين وزملاءه، في لقاء التتويج التاريخي الذي ساهم فيه مجدداً، بفضل التزامه الدفاعي ومساعدته للخط الأمامي، رغم أنه لم يكن حاسماً هذه المرة.